الشخصية الحدية تُعتبر واحدة من أكثر اضطرابات الشخصية تعقيداً وتأثيراً على الإنسان ومن حوله، ويعاني المصابون بها من تقلبات مزاجية حادة مثل صعوبة في التحكم في المشاعر وسلوكيات قد تؤثر بشكل كبير على علاقاتهم الشخصية وحياتهم اليومية. وفي هذا المقال سنسلط الضوء على أنواع الشخصية الحدية وتأثيراتها المختلفة على الحياة والعلاقات.
ما هي الشخصية الحدية؟
الشخصية الحدية أو اضطراب الشخصية الحدية (BPD) هي حالة نفسية تتميز باضطرابات في التفكير والمشاعر والعلاقات، ويواجه الذين يعانون منها صعوبة في فهم ذواتهم والحفاظ على استقرارهم العاطفي ومن التواصل بشكل صحي مع الآخرين، كما يعانون من الخوف المفرط من الهجر والاندفاعية التي قد تؤدي إلى تصرفات خطرة.
أنواع الشخصية الحدية
رغم أن اضطراب الشخصية الحدية يُعتبر حالة واحدة إلا أن العلماء والمختصين يميزون بين أنواع مختلفة بناءً على السمات التي تظهر بشكل أكبر على الأفراد المصابين.
1.الشخصية الحدية العاطفية (Emotional Borderline)
هذا النوع يتميز بتقلبات حادة في المزاج والشعور بالفراغ، حيث يعاني المصابون من:
- نوبات متكررة من الغضب أو الحزن.
- صعوبة في التحكم بالعواطف.
- فراغ داخلي مستمر، مما يدفعهم للبحث عن الإثارة أو التغيير.
الأشخاص ذوو الشخصية الحدية العاطفية قد يكونون شديدي التعلق بشركائهم، ولكنهم يظهرون غضباً أو انسحاباً عند شعورهم بالخذلان.
- الشخصية الحدية الاندفاعية (Impulsive Borderline)
الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع يظهرون ميولاً إلى السلوكيات المتهورة، تشمل السمات البارزة لديهم الآتي:
- اتخاذ قرارات دون تفكير في العواقب.
- إدمان على الكحول أو المخدرات أو التسوق.
- سلوكيات خطرة مثل القيادة المتهورة.
والاندفاعية التي يعانون منها هذه تجعل من الصعب الحفاظ على استقرار وظيفي أو مالي، مما يؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد على الحياة بشكل عام.
- الشخصية الحدية العدوانية (Aggressive Borderline)
هذا النوع يرتبط بسلوكيات عدوانية تجاه الذات أو الآخرين مثل:
- محاولات إيذاء النفس أو التهديد بالانتحار.
- مشكلات في التحكم بالغضب تؤدي إلى مواجهات متكررة.
العدوانية تجعل بناء علاقات طويلة الأمد أمراً صعباً لدى المصابين بها، وغالباً ما يشعر الطرف الآخر بالخوف أو الإرهاق من التعامل مع هذه التصرفات.
- الشخصية الحدية المنعزلة (Avoidant Borderline)
في هذا النوع، يظهر المصابون رغبة شديدة في تجنب العلاقات الاجتماعية بسبب الخوف من النقد أو الرفض، والسمات تشمل:
- الشعور بعدم الكفاءة.
- خوف مفرط من الهجر أو الفشل.
- تجنب الأنشطة الاجتماعية والمهنية.
يواجه المصابون بهذا النوع صعوبة في تكوين صداقات أو التفاعل في بيئات العمل مما يؤدي إلى العزلة.
- الشخصية الحدية المترددة (Anxious Borderline)
يتسم هذا النوع بقلق مستمر وشكوك حول النوايا المحيطة، وابرز سماتهم:
- الخوف من المستقبل.
- انعدام الثقة بالآخرين.
- تحليل مفرط للمواقف اليومية.
يجد الطرف الآخر في العلاقة صعوبة في التعامل مع الشكوك والقلق المبالغ فيه، مما يؤدي إلى خلافات متكررة.
كيف تؤثر أنواع الشخصية الحدية على العلاقات؟
تتنوع تأثيرات الشخصية الحدية على العلاقات ومن هذه التأثيرات:
- الخوف من الهجر: الخوف الشديد من الفقدان يدفع الأشخاص المصابين إلى التصرف بطرق تسيء للعلاقة مثل التعلق المفرط أو الغيرة.
- تقلبات المزاج: يمكن أن ينتقل المصابون من الحب الشديد إلى الكراهية في لحظات مما يؤدي إلى صراعات متكررة.
- التلاعب العاطفي: بعض الأشخاص يستخدمون التهديدات أو اللوم كوسيلة للحفاظ على الطرف الآخر مما يؤدي إلى توتر دائم.
تأثير اضطراب الشخصية الحدية على الحياة اليومية:
يأثر اضطراب الشخصية الحدية بشكل كبير على جوانب الحياة المختلفة، ومنها:
التأثير على العمل:
- صعوبة الالتزام بالمواعيد.
- توتر في العلاقات مع الزملاء.
- فقدان التركيز بسبب القلق والتقلبات المزاجية.
التأثير على الصحة النفسية والجسدية:
- ارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
- نوبات هلع تؤثر على الأداء اليومي.
- الإقدام على تصرفات مؤذية للجسم.
التأثير على الحياة الاجتماعية:
- عزلة بسبب الخوف من النقد أو الفشل.
- صراعات متكررة مع الأصدقاء أو أفراد العائلة.
كيفية التعامل مع اضطراب الشخصية الحدية:
في حال كنت تعاني من الشخصية الحدية، كيف يمكنك التعامل مع الأمر؟
- العلاج النفسي: العلاج النفسي اهم خطوة تساعد نفسك بها، وأبرز أنواع العلاج النفسي التي تُؤتي ثمارها مع الشخصية الحدية هو العلاج الجدلي السلوكي (DBT) حيث يساعد المرضى على إدارة انفعالاتهم، ايضاً العلاج المعرفي السلوكي (CBT) يعمل على تغيير الأفكار والمعتقدات السلبية ويساعد في تحسين العلاقات.
- الأدوية: أدوية مضادة للاكتئاب أو القلق تخفف من الأعراض المصاحبة لاضطراب الشخصية الحدية.
- الدعم الاجتماعي: انضم إلى مجموعات دعم أو مجموعات علاجية فهذا يساعدك كثيراً في فهم حالتك، وبالطبع دعم العائلة والأصدقاء يلعب دوراً كبيراً في تحسين الحالة.
اضطراب الشخصية الحدية يتضمن أنواعاً متعددة ولكل نوع تأثيراته الخاصة على العلاقات والحياة اليومية، سواءً كنت مصاباً أو تعرف شخصاً يعاني من هذه الحالة فإن الفهم والتعامل الإيجابي يمكن أن يصنعا فرقاً كبيراً، والبحث عن العلاج والدعم هو الخطوة الأولى نحو حياة أكثر استقراراً وصحة.
إذا كنت تعاني من أحد أنواع الشخصية الحدية أو تعرف شخصاً يحتاج إلى المساعدة فإن مستشفى موافي للصحة النفسية تقدم برامج علاجية متخصصة لمساعدتك على التعامل مع هذه الحالة بطريقة علمية وآمنة.
اعداد المقال : إسراء علي عبدالحكيم، باحثة دكتوراة، ماجستير في علم النفس الاكلينيكي والإيجابي ومعالج نفسي اكلينيكي
This was a refreshing take on the topic, thanks!