متى سينتهي ألم مدة أعراض الانسحاب؟ ربما تسأل نفسك هذا السؤال إذا كنت أنت أو شخص عزيز عليك يمر بمرحلة انسحاب المواد المخدرة أو الكحول، فالأعراض الانسحابية قد تبدو كعاصفة مؤلمة تجتاح الجسد والعقل ولكنها في الواقع بداية الطريق نحو التعافي، كما ان فهم مدة أعراض الانسحاب والعوامل المؤثرة عليها يمكن أن يساعد في تقليل القلق وزيادة الحافز للاستمرار في رحلة التعافي.
ما هي أعراض الانسحاب؟
أعراض الانسحاب هي مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث عندما يتوقف الشخص فجأة عن تعاطي مادة تسبب الإدمان سواء كانت مخدرات أو كحول، وهذه الأعراض ليست مجرد نتيجة للتوقف عن الإدمان وانما تعكس التكيف الذي قام به الجسم مع وجود المادة في النظام العصبي.
مدة أعراض الانسحاب: المراحل الأساسية
لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع حول مدة أعراض الانسحاب إذ تختلف تبعًا لنوع المادة وفترة الإدمان وصحة الفرد، ومع ذلك يمكن تقسيمها بشكل عام إلى:
المرحلة الحادة:
- تبدأ بعد 6 إلى 24 ساعة من التوقف عن التعاطي.
- تصل ذروتها خلال 3 إلى 7 أيام.
- تشمل أعراضًا جسدية مثل الصداع والغثيان والتعرق وتسارع ضربات القلب إلى جانب أعراض نفسية مثل القلق والانفعال.
مرحلة الانسحاب طويلة الأمد (Post-Acute Withdrawal Syndrome – PAWS):
- تستمر من أسابيع إلى عدة أشهر حسب شدة الإدمان.
- تشمل أعراضًا نفسية مثل الاكتئاب والأرق وتقلبات المزاج وصعوبة التركيز.
ما الذي يؤثر على مدة أعراض الانسحاب؟
تختلف مدة الأعراض من شخص لآخر بسبب عدة عوامل، منها:
- نوع المادة المستخدمة:
المخدرات القوية مثل الهيروين والكوكايين تسبب أعراض انسحاب شديدة ولكن قصيرة المدى، أما المواد مثل الكحول وبعض الأدوية (مثل البنزوديازيبينات) قد تؤدي إلى انسحاب طويل ومعقد.
- مدة الاستخدام وجرعته:
كلما زادت مدة التعاطي وكمية الجرعات زاد التأثير على الجهاز العصبي مما يؤدي إلى انسحاب أصعب وأطول.
- الحالة الصحية والنفسية للشخص:
الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية أو اضطرابات نفسية قد يواجهون أعراضًا أشد.
- الدعم الطبي والعلاجي:
تلقي العلاج في مركز متخصص مثل مستشفى موافي للصحة النفسية وعلاج الإدمان يمكن أن يساعد في إدارة الأعراض بشكل أفضل وتقليل مدتها.
كيفية التعامل مع أعراض الانسحاب؟
التعامل مع أعراض الانسحاب ليس أمرًا سهلاً ولكنه يصبح ممكنًا عند اتباع خطة علاجية مدروسة، تكون كالتالي:
التخلص من السموم تحت إشراف طبي، حيث تقدم المراكز العلاجية برامج متخصصة لإزالة السموم بأمان مع استخدام أدوية تقلل من شدة الأعراض.
العلاج النفسي، يساعد العلاج النفسي في معالجة الأسباب الجذرية للإدمان وتطوير استراتيجيات لمواجهة الضغوط وادارة المشاعر والتحكم في الانفعالات وتعلم مهارات حياتية لتحسين جودة الحياة.
الدعم الاجتماعي، فالدعم من الأهل والأصدقاء بالإضافة إلى حضور مجموعات الدعم يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الالتزام بالتعافي.
الرعاية المستمرة، حيث تضمن برامج الرعاية اللاحقة (Aftercare) الاستمرار في المتابعة النفسية والسلوكية لمنع الانتكاس.
نصائح عملية للمراحل الأولى من التعافي
إذا كنت في بداية رحلة التعافي من الإدمان، فإن المراحل الأولى غالبًا ما تكون الأصعب لكنها حجر الأساس لحياة جديدة، إليك مجموعة من النصائح العملية التي تساعدك على تجاوز هذه المرحلة بنجاح:
اطلب الدعم الطبي المتخصص:
لا تحاول مواجهة أعراض الانسحاب وحدك، فزيارة مركز متخصص مثل مستشفى موافي للصحة النفسية وعلاج الإدمان يمكن أن يضمن لك الحصول على رعاية طبية آمنة وفعالة، والعلاج الطبي والنفسي يساعد في تخفيف الأعراض الجسدية والنفسية ويقلل من خطر الانتكاسة. للتواصل والاستفسار
كن صريحًا مع نفسك ومن حولك:
الاعتراف بالمشكلة ليس ضعفًا بل هو خطوة شجاعة نحو الحل، أخبر أفراد أسرتك أو أصدقائك المقربين عن قرارك بالتعافي واطلب دعمهم النفسي.
ابحث عن بيئة آمنة ومستقرة:
تجنب البيئات والأشخاص الذين قد يشجعونك على العودة إلى التعاطي، واختر أماكن توفر بيئة إيجابية تشجع على التغيير مثل مجموعات الدعم أو المراكز العلاجية.
خطط ليومك مسبقًا:
الفراغ يمكن أن يكون عدوك الأول في هذه المرحلة، ضع جدولًا يوميًا يشمل أنشطة مفيدة مثل التمارين الرياضية أو تعلم مهارات جديدة، وتذكر أن المحافظة على جدول منتظم يساعدك في إعادة بناء حياتك وتنظيم وقتك.
مارس الرياضة والنشاط البدني:
التمارين الرياضية تساعد في تحسين الحالة المزاجية عن طريق إفراز الإندورفين _هرمون السعادة_ واختر رياضة تحبها مثل المشي أو الجري.
ركز على التغذية السليمة:
بعد فترة طويلة من الإدمان يحتاج جسمك إلى استعادة توازنه، فاحرص على تناول وجبات غذائية متوازنة تحتوي على الفيتامينات والمعادن الضرورية، واشرب كميات كافية من الماء لطرد السموم المتبقية من جسمك.
انضم إلى مجموعات الدعم:
مجموعات مثل زمالة المدمنين المجهولين توفر بيئة آمنة للتحدث عن تجاربك والاستماع إلى قصص الآخرين، وهذه المجموعات تذكرك أنك لست وحدك في هذه الرحلة.
مارس تمارين الاسترخاء:
تقنيات التنفس العميق تساعدك على تهدئة ذهنك وعلى التعامل مع التوتر، فلا تتردد في ان تخصص وقتًا يوميًا للاسترخاء لتحسين حالتك النفسية.
التزم بخطة العلاج النفسي:
العلاج النفسي سواء كان فرديًا أو جماعيًا يساعدك على فهم الأسباب الجذرية لإدمانك وكيفية التعامل مع مشاعرك وانفعالاتك بشكل صحي، فالتحدث مع معالج نفسي متخصص يمكن أن يكون مفتاحًا لتغيير نمط تفكيرك وسلوكك.
تجنب التفكير في الانتكاسة كفشل:
إذا حدثت انتكاسة فلا تشعر باليأس، وتذكر أن التعافي رحلة طويلة وقد تواجه عقبات، واستعن بفريق الدعم الخاص بك وعُد إلى خطة العلاج بسرعة.
تذكر دائمًا:
البدايات قد تكون صعبة لكن كل خطوة صغيرة تقربك من حياة مليئة بالحرية والصحة النفسية والجسدية، فابدأ اليوم وتذكر أن المساعدة متوفرة دائمًا إذا طلبتها.
الأمل في التعافي: طريقك إلى حياة جديدة
قد تكون أعراض الانسحاب مرحلة صعبة لكنها مؤقتة، وكل يوم تقطعه بعيدًا عن الإدمان هو خطوة نحو حياة أكثر صحة واستقرارًا، وإذا كنت تشعر أن الأعراض قد تبدو مستحيلة التحمل تذكر أن هناك فرقًا طبيًا متخصصًا مستعدًا لدعمك.
وفي مستشفى موافي للصحة النفسية وعلاج الإدمان نحن نقدم برامج علاجية شاملة تجمع بين الرعاية الطبية والنفسية الإحترافية والدعم النفسي والبيئة المرفهة لضمان رحلة تعافي آمنة وفعّالة.
تذكر: كل يوم جديد هو فرصة للبدء من جديد
مدة أعراض الانسحاب تختلف من شخص لآخر ولكن الثابت أنها بداية لمرحلة أفضل، فإذا كنت أو شخص تعرفه يعاني من الإدمان فلا تتردد في طلب المساعدة.
استعادة حياتك ممكنة… وأنت تستحق العيش بحرية وصحة.
اعداد المقال : إسراء علي عبدالحكيم، باحثة دكتوراة في العلاج النفسي، وماجستير في علم النفس الاكلينيكي والإيجابي، ومعالج نفسي اكلينيكي