تُعد مشاعر شارب الخمر واحدة من أكثر الجوانب التي يؤثر فيها الكحول على الإنسان حيث تؤثر على الحالة العاطفية والنفسية بطرق متعددة تختلف من شخص لآخر، فالكحول مادة ذات تأثير قوي على الجهاز العصبي وقد تؤدي إلى تقلبات عاطفية تؤثر على المزاج والسلوك.
وفي هذا المقال سنلقي الضوء على تأثير الكحول على مشاعر شارب الخمر والأسباب النفسية وراء هذه التغيرات وكيفية التعامل مع هذه التأثيرات إذا أصبحت مشكلة تحتاج إلى علاج.
في البداية نوضح الفرق بين الكحول والخمر، فالكحول (Alcohol) هو المادة الفعّالة ويشير إلى الإيثانول (Ethanol) المادة الكيميائية الأساسية المسؤولة عن التأثير المُسْكِر، ويؤثر الكحول مباشرةً على الجهاز العصبي المركزي مما يسبب تأثيرات نفسية مثل الاسترخاء وتقليل القلق وتأثيرات مُسكرة تعتمد على الجرعة، أما الخمر (Alcoholic Beverages) يشير إلى المشروبات التي تحتوي على الكحول مثل النبيذ والبيرة والويسكي، والخمر ليس فقط كحول؛ حيث يحتوي على مكونات أخرى (مثل الماء والسكر والمواد المضافة) التي تؤثر على طعمه وتأثيره، فالكحول يشير إلى المادة الكيميائية (الإيثانول)، اما الخمر فيشير إلى المشروبات التي تحتوي على الكحول.
وفيما يخص التأثيرات النفسية؛ فسواءً كان الحديث عن الكحول كمادة أو عن الخمر كمشروب فكلاهما مرتبطان بدراسة تأثير الإيثانول على الصحة النفسية والسلوك والإدمان، وقد اثبتت الدراسات أن لهما تأثيرات على السلوك والإدراك والمزاج والوظائف النفسية، فالإدمان على الكحول (Alcohol Use Disorder) يُعد اضطرابًا نفسيًا يتضمن اعتمادًا نفسيًا وجسديًا على الكحول، كما يُسبب الكحول تأثيرات فورية مثل التسمم (Intoxication) ويمكن أن يؤدي إلى آثار خطيرة على الصحة العقلية والجسدية.
ما هي مشاعر شارب الخمر؟
مشاعر شارب الخمر هي التغيرات العاطفية والنفسية التي يشعر بها الشخص أثناء أو بعد استهلاك الكحول، ويمكن أن تتراوح هذه المشاعر بين الاسترخاء والسعادة المؤقتة إلى الحزن والقلق والغضب، ويعتمد تأثير الكحول على الحالة العاطفية على عوامل عديدة منها الجرعة المستهلكة والحالة النفسية للشخص وتاريخه الصحي.
كيف يؤثر الكحول على الحالة العاطفية؟
الكحول يؤثر بشكل مباشر على الدماغ والجهاز العصبي المركزي مما يغير من طريقة معالجة المشاعر والاستجابات النفسية، وتشمل التأثيرات ما يلي:
- الشعور بالراحة أو السعادة المؤقتة:
عند شرب الكحول يبدأ الجسم بإفراز مواد كيميائية مثل الدوبامين مما يؤدي إلى شعور مؤقت بالسعادة والاسترخاء، وهذا التأثير هو ما يجعل الكحول جذابًا للكثيرين.
- فقدان السيطرة العاطفية:
الكحول يقلل من نشاط قشرة الدماغ المسؤولة عن ضبط المشاعر مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على الانفعالات وزيادة الانفعال على الأحداث الصغيرة.
- الشعور بالحزن أو الاكتئاب:
بعد زوال تأثير الكحول قد يشعر شارب الخمر بالحزن أو الاكتئاب نتيجة لانخفاض مستويات الدوبامين في الدماغ.
- تعزيز القلق والتوتر:
على الرغم من أن الكحول قد يبدو مهدئًا في البداية إلا أنه قد يؤدي إلى زيادة القلق والتوتر خاصةً إذا تم تناوله بكميات كبيرة.
- السلوك العدواني والغضب:
بعض الأشخاص قد يصبحون أكثر عدوانية أو غضبًا تحت تأثير الكحول خاصةً إذا كانوا يعانون من مشكلات نفسية أو ضغوط حياتية.
لماذا يشعر شارب الخمر بهذه المشاعر:
ما الذي يجعل شارب الخمر يشعر التأثيرات العاطفية هذه، ولماذا تضطرب مشاعره بهذا الشكل، هذا ما سنتناوله بالمناقشة:
- كمية الكحول المستهلكة:
كلما زادت كمية الكحول المستهلكة زاد تأثيره السلبي على الحالة العاطفية.
- الحالة النفسية قبل الشرب:
إذا كان الشخص يشعر بالحزن أو القلق قبل شرب الكحول فإن هذه المشاعر قد تتفاقم أثناء وبعد الشرب.
- البيئة المحيطة:
البيئة التي يُشرب فيها الكحول سواء كانت مريحة أو متوترة؛ تلعب دورًا كبيرًا في تحديد المشاعر الناتجة عن الشرب.
- التعود أو الإدمان:
مع زيادة استهلاك الكحول بمرور الوقت، قد يصبح الشخص أكثر عرضة للتقلبات العاطفية والاكتئاب.
آثار الكحول طويلة المدى على الحالة العاطفية:
شرب الكحول بشكل متكرر لا يؤثر فقط على المشاعر اللحظية بل يترك آثارًا نفسية طويلة المدى، نذكر منها:
- زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب:
الاستهلاك المزمن للكحول يسبب تغيرات دائمة في كيمياء الدماغ مما يؤدي إلى صعوبة في تنظيم المشاعر.
- تفاقم القلق والتوتر:
على المدى الطويل يضعف الكحول قدرة الجسم على التعامل مع الإجهاد.
- الانعزال الاجتماعي:
مع تفاقم مشاعر الحزن أو الغضب قد ينفصل شارب الخمر عن أصدقائه وعائلته.
- الاعتماد العاطفي على الكحول:
قد يصبح الكحول وسيلة رئيسية للتعامل مع المشاعر السلبية مما يزيد من خطر الإدمان عليه، وايضاً يؤدي إلى ضعف مهارة التعامل مع المشاعر السلبية.
متى تصبح مشاعر شارب الخمر مشكلة تحتاج إلى علاج؟
إذا لاحظت أن مشاعرك تؤثر بشكل كبير على حياتك أو حياة من تحب، فقد تكون هذه علامة على الحاجة إلى طلب المساعدة، وبعض العلامات التي تدل على وجود مشكلة تشمل:
- التقلبات العاطفية المستمرة التي تؤثر على علاقاتك وعملك.
- الشعور بالاكتئاب أو القلق المزمن بعد شرب الكحول.
- الاعتماد على الكحول للتعامل مع المشاعر.
- زيادة السلوك العدواني أثناء أو بعد الشرب.
- عدم قدرتك على التحكم في كمية الكحول المستهلكة.
ما الذي يمكنك فعله اذا كنت شارب الخمر؟
- البحث عن الدعم النفسي:
زيارة مختص نفسي أو استشاري في علاج الإدمان يمكن أن يساعدك في تحديد الأسباب النفسية والعاطفية وراء هذه المشاعر ووضع خطة علاجية لذلك. و يمكنك اكيد هذه الدعم و افضل علاج في مستشفي موافي لعلاج الادمان و الطب النفسي
- توقف عن استهلاك الكحول:
الحد من الكحول يمكن أن يقلل بشكل كبير من التقلبات العاطفية.
- تعلم تقنيات إدارة التوتر:
تعلم تقنيات مثل التأمل والتنفس العميق أو ممارسة الرياضة يمكن أن يساعدك في تحسين حالتك النفسية.
- الانضمام إلى مجموعات الدعم:
مجموعات مثل “مدمني الكحول المجهولين” توفر بيئة داعمة لمواجهة مشكلات الإدمان.
أسئلة شائعة حول مشاعر شارب الخمر:
هذه بعض الأسئلة التي يمكن أن تراودك فيما يخص شرب الخمر:
- لماذا يشعر البعض بالسعادة عند شرب الكحول؟
الكحول يحفز إفراز الدوبامين في الدماغ مما يسبب شعورًا مؤقتًا بالسعادة، ولكن هذا الشعور سرعان ما يزول ويحل محله الشعور بالغضب والاكتئاب.
- هل يمكن أن يؤدي الكحول إلى الاكتئاب؟
نعم الإفراط في شرب الكحول يمكن أن يسبب تغيرات دائمة في الدماغ تؤدي إلى الاكتئاب.
- لماذا يصبح البعض عدوانيًا بعد شرب الكحول؟
الكحول يقلل من القدرة على التحكم في المشاعر ويزيد من الانفعالات مما قد يؤدي إلى العدوانية.
- هل يمكن علاج المشاعر السلبية المرتبطة بالكحول؟
نعم من خلال العلاج النفسي والتوقف عن استهلاك الكحول.
- هل يمكن للكحول أن يُسبب القلق؟
نعم، الكحول يمكن أن يزيد من القلق خاصة عند استهلاكه بكميات كبيرة.
مشاعر شارب الخمر تختلف من شخص لآخر، لكنها غالبًا ما تكون مزيجًا من التأثيرات المؤقتة والطويلة المدى على الحالة النفسية، فإذا كنت تعاني من تغيرات عاطفية نتيجة شرب الكحول فإن الخطوة الأولى هي التحدث مع مختص للحصول على الدعم والعلاج اللازم، فالحفاظ على التوازن النفسي يبدأ بالوعي بأثر الكحول على مشاعرك وسلوكك.
اعداد المقال : إسراء علي عبدالحكيم، ماجستير في علم النفس الاكلينيكي والإيجابي ومعالج نفسي اكلينيكي