كيف يمكن إنقاذ المدمن… وكيف تكون الوقاية من الأساس؟
قد يبدأ الأمر بمجرد تجربة عابرة بدافع الفضول أو الهروب من ضغوط الحياة، لكن سرعان ما يجد الشخص نفسه في دوامة الإدمان غير قادر على الخروج منها، فالإدمان على المخدرات ليس مجرد عادة سيئة يمكن التخلص منها بالإرادة فقط بل اضطراب نفسي وسلوكي يؤثر على الدماغ والجسد ويحتاج إلى علاج متخصص للشفاء منه.
إذا كنت أنت أو أحد أحبائك يعاني من الإدمان فإن الأمل في التعافي لا يزال موجودًا، وفي هذا المقال سنتعرف على وسائل العلاج من اخطار المخدرات وكيفية علاج الإدمان وأفضل الطرق للوقاية منه مع التركيز على الوسائل الفعالة التي تساعد المدمن على استعادة حياته من جديد.
لماذا الإدمان خطير؟ تأثير المخدرات على الجسم والعقل
المخدرات ليست مجرد مواد تغير المزاج مؤقتًا بل تؤثر بشكل مباشر على الدماغ والجهاز العصبي والأعضاء الحيوية مما يؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل:
- تدمير خلايا الدماغ، مما يؤثر على التفكير والتركيز واتخاذ القرارات.
- تلف الكبد والكلى بسبب تراكم السموم في الجسم.
- اضطرابات القلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية.
- المشكلات النفسية مثل القلق والاكتئاب والذهان.
- الميل إلى العزلة والعنف مما يؤدي إلى فقدان العلاقات الاجتماعية وتدهور الحياة الأسرية.
لهذا السبب فإن الإدمان ليس مجرد مشكلة شخصية بل كارثة صحية واجتماعية تتطلب تدخلاً عاجلاً.
وسائل العلاج من اخطار المخدرات: رحلة التعافي تبدأ من هنا
إذا كنت وقعت أو أحد أحبائك بالفعل في براثن الإدمان، كيف تتعافى؟ إليك بعض الوسائل الفعالة:
الاعتراف بالمشكلة والبحث عن المساعدة:
أول خطوة نحو العلاج هي إدراك أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل، فكثير من المدمنين ينكرون إدمانهم أو يقللون من خطورته مما يؤخر العلاج، فإذا كنت قريبًا من شخص يعاني من الإدمان فمن المهم التحدث معه بهدوء وإقناعه بأن العلاج هو السبيل الوحيد لاستعادة حياته.
العلاج الطبي: سحب السموم من الجسم:
عند التوقف عن تعاطي المخدرات يواجه المدمن أعراض انسحاب مؤلمة مثل التعرق والتشنجات والقلق والاكتئاب لذلك يحتاج إلى برنامج سحب السموم (Detox) داخل مركز علاجي متخصص مثل مستشفى موافي للصحة النفسية وعلاج الإدمان حيث يتم:
- متابعة الحالة الصحية تحت إشراف أطباء متخصصين.
- استخدام أدوية تخفف من أعراض الانسحاب وتقلل الألم إلى أقل درجة.
- توفير بيئة آمنة لمنع الانتكاس خلال هذه المرحلة الصعبة.
العلاج النفسي والتأهيل السلوكي:
الإدمان ليس مجرد اعتماد جسدي على المخدر بل أيضًا اعتماد نفسي وسلوكي، لذلك بعد سحب السموم يخضع المدمن لجلسات علاج نفسي تشمل مجموعة متنوعة من العلاجات النفسية التي تناسب حالة العميل وظروفه مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يساعد المدمن على تغيير أنماط التفكير السلبية التي تؤدي إلى التعاطي، والعلاج الجدلي السلوكي (DBT) الذي يساعد المدمن على التحكم في انفعالاته وإدارة مشاعره، والعلاج الجماعي حيث يتحدث المدمنون مع آخرين يمرون بنفس التجربة مما يمنحهم الدعم والقوة للاستمرار في العلاج، والعلاج الأسري حيث يساعد الأسرة على فهم كيفية دعم المدمن دون تمكينه من العودة للإدمان، وغيرها من العلاجات النفسية التي يتم تطبيقها على حسب حالة كل مدمن إلى أن يصل إلى التعافي، ومن ثم إعادة التأهيل ليستعيد حياته من جديد.
التأهيل وإعادة الاندماج في المجتمع:
بعد الانتهاء من العلاج يحتاج المتعافي إلى دعم مستمر حتى لا يعود إلى المخدرات مرة أخرى، ويشمل ذلك:
- تعلم مهارات حياتية جديدة تساعده على مواجهة الضغوط بدون اللجوء للمخدرات.
- الانخراط في أنشطة إيجابية مثل الرياضة أو العمل التطوعي.
- المتابعة مع الأطباء والمعالجين النفسيين بانتظام.
كيف يمكن الوقاية من الإدمان؟
الوقاية دائمًا أفضل من العلاج، وإليك بعض الخطوات التي تساعد في حماية نفسك وأحبائك من الوقوع في فخ المخدرات:
التوعية المبكرة:
كلما زادت معرفتك بمخاطر المخدرات قلت احتمالية الوقوع فيها، لذلك من المهم نشر الوعي بين الشباب والمراهقين حول تأثير الإدمان على الصحة والحياة.
بناء بيئة داعمة:
الأشخاص الذين ينشأون في بيئات مستقرة وداعمة يكونون أقل عرضة للإدمان، لذا من المهم تعزيز العلاقات الأسرية القوية ودعم الأصدقاء وتشجيع العادات الصحية.
تعلم مهارات التعامل مع الضغوط:
كثير من الأشخاص يلجأون إلى المخدرات للهروب من التوتر أو المشكلات النفسية، لذا من المهم تعلم مهارات التأقلم الصحية مثل ممارسة الرياضة والتأمل والتحدث مع مختص نفسي عند الحاجة.
الحذر من الصحبة السيئة:
الأصدقاء لهم تأثير كبير على قرارات الشخص وعلى حياته بشكل عام، لذا يجب تجنب الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات وعدم الانخراط في بيئات قد تشجع على التعاطي.
عدم تجربة المخدرات نهائيًا:
حتى لو كانت التجربة لمرة واحدة فإنها قد تؤدي إلى الإدمان، فبعض المواد المخدرة تسبب إدمانًا سريعًا من أول جرعة، لذا من الأفضل عدم المخاطرة أبدًا.
العلاج ممكن والشفاء يبدأ بالقرار الصحيح
الإدمان على المخدرات ليس نهاية الطريق بل مرض يمكن علاجه إذا تم اتخاذ الخطوات الصحيحة في الوقت المناسب، وسواءً كنت تعاني من الإدمان أو لديك شخص عزيز عليك في هذه الدوامة فإن الحل موجود والتعافي ممكن.
في مستشفى موافي للصحة النفسية وعلاج الإدمان نقدم برامج علاجية متكاملة تشمل سحب السموم والعلاج النفسي والتأهيل السلوكي لمساعدة المدمن على استعادة حياته والعودة إلى المجتمع بثقة.
لا تنتظر حتى فوات الأوان—اتخذ القرار اليوم لأنك تستحق ان تعيش حياة خالية من المخدرات بكل طاقتك وسعادتك.
اعداد المقال : إسراء علي عبدالحكيم، باحثة دكتوراة في العلاج النفسي، وماجستير في علم النفس الاكلينيكي والإيجابي، ومعالج نفسي اكلينيكي